رواية"عين التّينة"
رواية"عين التّينة".
بقلم -هدى عثمان أبوغوش
تقع الرّواية في 143 من القطع المتوسط، وموزعة على 26 فصلا قصيرا، صدرت عن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين-الأمانة العامّة- رام الله، لوحة الغلاف من تصوير الأديب،وأخرجها فنيا سناء صباح.
رواية"عين التّينة"للأديب الفلسطيني د.صافي صافي،هي سرديّة توثيقية،توّثق مسار في طبيعة فلسطين،هذا المسار هو ليس رحلة للتنزه فقط،بل يجتاز ذلك إلى بعد وطني،اجتماعي،سياسي،ونفسي وعاطفي.
في هذه الرّواية ينتصر الأديب صافي للأماكن ويمنحها قيمتها وأهميتها،وهي ترتبط بالفلسطيني،فالمكان هو الرّوح المعذبة في ظلّ الإحتلال،وهو حاضر في الذاكرة الفلسطينية المتوارثة عبر الأجيال،حنان المغتربة تحدث أحفادها عن بيسان،وأيضا تريد رؤية بيسان ببيوتها القديمة لتحفظ ذاكراتها الشفوية،"ما أود رؤيته في بيسان،هو بيسان التي كانت،والتّي عرفها جدّي ووالدي،لولا أنّك تسكن هذه المدينة لما أتيتها".
السّارد من رام الله في عطش لرؤية الأماكن وعين التّينة.مها المقدسيّة صديقة السّارد تنضم لفريق الرّحلة،وفي رقصها الصوفي تتجلى روح المعاناة الفلسطينية.
المكان متعدّد في الرّواية،حيث نجد رام الله تحضن كلّ العائلات من المدن والقرى الفلسطينية المختلفة.
والمكان في المسار ينتقل من مكان إلى آخر،بيسان ،الحولة،الغجر،السهول، الينابيع،الجداول،الوطن،خارج الوطن،باقة الغربية وغيرها.
وشكل المكان يتغير بفعل الإحتلال،فالبحيرة تتحول إلى مزارع نباتية،والبيوت القديمة تغيرت،فاستبدلت ببيوت حديثة.
في الرّواية اغتراب المكان،ويتجلّى ذلك من خلال الحوارات بين حنان والسّارد.
مثال-"هل أصدّق أنّك تعيشين في المنفى؟
هل أصدّق أنني أعيش في الوطن؟".
تتجلّى العاطفة في هذه السّردية من خلال حكاية الحبّ بين حنان والسّارد،والتّي لم تتكلّل بالزواج بل بلقاء وفراق ولقاء،هذه العلاقة تمثل عدم اكتمال الوطن،فهو مقسّم،في الغربة والمنفى (حنان)،وفي وطنه هو غريب عن أرضه(السّارد)،وفي اللقاء بينهما عبر المسار ،هو لقاء الوطن،وتأملات في العاطفة الجياشة بين العاشقين،ومن ناحية أخرى تأملات في حقّ العودة .
ونجد العاطفة نحو الأماكن وعلاقتها بالفلسطيني.أمّا الّلغة جميلة،شفافة ذات طابع عاطفي،رقيقة،والحوار جميل ولافت في الرّواية،ويأخذ بعدا تأمليا، عاطفيا ،فلسفيا،وطنيا،وهو مليىء بالتّساؤلات التي تكشف عن البحث عن الهوية الذاتية الوطنية،البحث عن الوطن.أين هو؟هل هو في الدّاخل أم في الخارج؟تساؤلات ومتاهة النفس العاشقة التي تبحث عن نفسها العطشى للحبّ.
تقول حنان للسّارد:"أرى نفسي هناك.
ـ أتبحثين عن ذاتك؟
-بالضبط أبحث عن نفسي منذ سنين ولا أجدها
،ربما أجدها هناك".
يقول السّارد:"لماذا افترقنا؟لماذا تواصلنا؟لماذا التقينا؟".
نجد حضور التّكرّار اللفظي في الرّواية،من مرادفات متشابه أو متناقضة،أو بجمل مشابه ،ممّا يضيف إيقاعا جميلا في النّص الرّوائي،ويبرز مدى عمق الوجع الفلسطيني.
مثال-
-كيف تمّ اغتصاب كلّ هذه الأرض الجميلة الهادئة .
-أنا أسأل السؤال نفسه.
-هل تمّ بيعنا؟
ومثال آخر تكرار المفردات على لسان حنان والسّارد(حشرات،مثل الدّين،ربما..الخ).
جاءت النّهاية مفتوحة أمام القارىء،بين حلم جميل وعذاب مرّ.
أسلوب الأديب في الرّواية-يستخدم الأسلوب المعلوماتي،ليعطي القارئ مساحة التأمل في المكان،وتخيّل الطبيعة،ويستعين أحيانا بالمواقع الإلكترونية؛ للتأكيد على دقة المعلومات،ونلاحظ إسهاب الأديب بالتفاصيل ليثري القارئ،وللإشارة إلى أنّ هذا الوطن غنّي بطبيعته الخلاّبة وبأماكنه،وأيضا هي إشارة إلى أن الفلسطيني صاحب الحقّ عالما بتفاصيل أرضه.
كما واستخدم الإسترجاع الفني من أجل توثيق الذاكرة الفلسطينية.
أسلوب النقدـ ينتقد بعض الأفكار أو المواقف،مثل اليافطات في قرية الغجرالتي تنادي بالسلام والتعايش رغم عدد سكانها القليل.
ينتقد حال الوطن المنقسم والذي يعيش في متاهة.كما وينتقد عدم تعلّم الفلسطيني العبرية التّي تساهم في فهم ما يقوله الأعداء.
يبرز جمال فلسطين من خلال العيون والينابيع التي فيها مع الإشارة إلى استغلال المحتلّ للأماكن في سيطرة المستوطنين عليها،وجعلها مزارات لهم.