من دائرة الشكوى إلى نور الحياة
من دائرة الشكوى إلى نور الحياة
بقلم: د. غزال أبو ريا
في مجتمعاتنا، نصادف دائمًا أنماطًا من الناس اعتادوا على الشكوى والتذمّر. لا يكاد يخلو حديثهم من نغمة الإحباط واليأس، حتى أصبح التذمّر عند بعضهم عادة يومية أو “إدمانًا” يلوّن نظرتهم إلى العالم. ولئن كانت الشكوى في أحيان كثيرة وسيلة للتنفيس عن الضيق، فإنها حين تتحوّل إلى أسلوب حياة تُغلق أبواب الأمل وتُطفئ بريق الإرادة.
إنّ الإنسان الذي يستسلم لدوامة التذمّر يعيش وكأنّ غيمة سوداء ترافقه أينما ذهب، فتحجب عنه زرقة السماء ودفء الشمس. لكن الحقيقة أن الغيوم لا تدوم، وأن الفجر يشرق مهما طال ليل المعاناة. الحياة ليست كاملة ولا مثالية، غير أنها مليئة بلحظات صغيرة تستحق أن نتوقف عندها بامتنان: ابتسامة طفل، لقاء صديق، فنجان قهوة في صباح هادئ، أو كلمة طيبة تُقال في وقت إنهاك.
الفرق بين من يعيش أسير الشكوى ومن يفتح قلبه للأمل يكمن في زاوية النظر. فالأول يركّز على ما ينقصه، بينما الثاني يبحث عمّا يملك. الأول يستنزف نفسه في التذمّر، أما الثاني فيحوّل الألم إلى معلّم والتعثّر إلى بداية جديدة.
ما أحوجنا إلى أن ننتقل من لغة الشكوى إلى لغة الامتنان والرجاء. فالكلمات التي نختارها لا تغيّر فقط ما نشعر به في أعماقنا، بل تصنع أيضًا صورة حياتنا وعلاقاتنا. حين نختار أن نرى النور، يكبر النور في داخلنا، وتصبح خطواتنا أثبت، وأيامنا أوسع وأجمل.
فلنحرص أن تكون أصواتنا بذور رجاء لا صدى شكوى، وأن تكون حياتنا ميادين أمل، لا جدران أنين.