تحميل...

قطر والوساطات بين غزة وإسرائيل: تهدئة مؤقتة أم استنزاف طويل..؟

قطر والوساطات بين غزة وإسرائيل: تهدئة مؤقتة أم استنزاف طويل..؟

""""""""""""""""""""""""""""""""""""

بقلم: "مرعي حيادري"

يشهد الشرق الأوسط فصلًا جديدًا من فصول أزماته المتكررة، حيث تتشابك مصالح محلية وإقليمية ودولية لتشكّل مشهدًا معقّدًا، مفتوحًا على احتمالات التهدئة المؤقتة أو الانفجار الواسع. فالمفاوضات غير المباشرة والوساطات – وعلى رأسها الوساطة القطرية – تعكس رغبة في تحقيق تهدئة جزئية، غير أن غياب الثقة في حكومة نتنياهو وتخبّطها السياسي والعسكري يثيران شكوكًا عميقة حول إمكانية الوصول إلى تفاهم طويل الأمد.

1- إسرائيل بين المراوغة والضغط الداخلي..

الاحتمال الأقرب هو استمرار حالة الاستنزاف، لا الانفراج. فالتجارب السابقة تؤكد أن إسرائيل اعتادت المراوغة واستثمار الوقت لإعادة التموضع سياسيًا وعسكريًا. إلا أن صورة نتنياهو المهزوز داخليًا، وفقدانه شرعية شعبية ودولية، قد تختصر زمن المراوغة هذه المرة، لتجعل أي سيناريو أكثر تقلبًا وسرعة في التبدل.

2- الموقف العربي... تشتّت وإرتهان

في الجانب العربي، لا تزال الإرادة الجماعية أسيرة لسياسات واشنطن، كما كان الحال منذ عهد ترامب. ورغم بعض الأصوات الرافضة أو المتململة من مشهد الإذلال المستمر للكرامة العربية، إلا أن التحرك ما زال ضعيفًا ومبعثرًا، خاضعًا لحسابات قُطرية ضيقة أكثر مما يستند إلى رؤية قومية أو إنسانية شاملة.

3- التحولات بعد الاعتداء على قطر

الاعتداء الذي طال قطر مؤخرًا شكّل تحوّلًا لافتًا في مسار الأزمة، إذ نقلها من دور الوسيط إلى دائرة الاستهداف المباشر. الردود الدولية المنددة لم تتأخر، سواء من قوى كبرى أو من منظمات أممية، ما عكس إدراكًا عالميًا لأهمية الدور القطري في إدارة الوساطات.

لكن على المستوى العربي، بقي الموقف محدودًا في إطار التصريحات الكلامية والشجب الإعلامي، من دون مواقف عملية أو جماعية حاسمة. هذا التباين بين ردود الفعل الدولية الواضحة وردود الفعل العربية الخجولة يثير تساؤلات مشروعة:

* هل يظل الموقف العربي أسير البيانات الشكلية؟

* أم أن استهداف دولة لعبت دورًا محوريًا في التهدئة قد يدفع إلى موقف أكثر صلابة يتجاوز الحسابات الضيقة نحو رؤية قومية أشمل؟

4- لبنان وإيران..بين المأزق والحذر

لبنان، الغارق في أزماته الاقتصادية والسياسية، يجد نفسه في عين العاصفة مع تصاعد التوتر على حدوده الجنوبية. إلا أن هشاشته الداخلية تمنعه من الانخراط في مواجهة واسعة، مما يجعله ساحة محتملة لتبادل الرسائل بين إسرائيل ومحور المقاومة بقيادة إيران.

أما إيران فتدير أوراقها بحذر بالغ، متأرجحة بين التصعيد والتهدئة، إدراكًا منها أن أي تدخل مباشر قد يقود إلى مواجهة كبرى مع الولايات المتحدة وحلفائها.

5- مصر والأردن والخليج... انتظار حذر..

مصر والأردن ودول الخليج يتبنون سياسة الانتظار الحذر، موازنين بين ضغوط الشارع العربي وضغوط الحليف الأميركي. هذا الموقف وإن كان يجنّبهم الانخراط المباشر، إلا أنه يبقيهم في دائرة التأثير الإقليمي التي لا يمكن تجاوزها.

6- القوى الدولية... واشنطن أولًا

على المستوى الدولي، تسعى روسيا والصين إلى تعزيز حضور دبلوماسي وإعلامي مضاد للتفرّد الأميركي، لكن فعاليتهما تبقى محدودة. فموسكو، المنهمكة في حرب أوكرانيا، تستثمر الورقة الفلسطينية لاستعادة نفوذها في المنطقة، بينما تركز بكين على حماية مصالحها الاقتصادية وصورتها كقوة داعمة للحلول السلمية. ويبقى العامل الحاسم هو الولايات المتحدة، صاحبة اليد الطولى عسكريًا وسياسيًا، والقادرة على ضبط إيقاع المشهد.

"خاتمة"

إن المشهد الراهن بين قطر وغزة وإسرائيل يعكس توازنًا هشًا، أقرب إلى تهدئة مؤقتة منه إلى تسوية حقيقية. فإسرائيل تراوغ لكنها مثقلة بأزماتها الداخلية، والفلسطينيون يواجهون استنزافًا طويلًا بلا أفق واضح، والعرب يتأرجحون بين بيانات شكلية ومصالح قُطرية ضيقة. وبين حذر إيران وأزمات لبنان وحسابات مصر والأردن والخليج، يبقى الشرق الأوسط رهينة تناقضات كبرى. والسؤال الجوهري: هل يقود هذا المسار إلى تسوية واقعية – ولو قصيرة المدى – أم أن المنطقة تقف على أعتاب انفجار إقليمي واسع يصعب احتواؤه؟..

اللهم اني كتب وحللت وأستنتجت وان كنت على خطأ فصححوني..

...