تحميل...

أُنْشُودَةُ الرَّبِيعِ الَّذِي لَمْ يَسْقُطْ

خالد عيسى 
نُشر: 22:15

أُنْشُودَةُ الرَّبِيعِ الَّذِي لَمْ يَسْقُطْ

لَيْسَ الرَّبِيعُ ما نَرَاهُ فِي التَّقْوِيمِ،

بَلْ ما يَبْقَى حَيًّا فِي الصَّدْرِ،

حِينَ تَمُرُّ الحُرُوبُ كَقَوَافِلَ لَيْلٍ،

وَتَسْرِقُ مِنَ المَوَاسِمِ أَسْمَاءَهَا.

كانَ الحُبُّ أُنْشُودَةً؛

غَنَّاهَا الإِنْسَانُ لِلطَّيْرِ،

فَفَهِمَتِ السَّمَاءُ الإِيقَاعَ،

وَرَقَصَتِ الزُّهُورُ بِلَا إِذْنٍ مِنَ البَنَادِقِ،

وَتَمَايَلَتِ الفَرَاشَاتُ،

كَأَنَّ الأَجْنِحَةَ لَا تَعْرِفُ مَعْنَى الحُدُودِ.

ثُمَّ جَاءَتِ الحَرْبُ

بِصَوْتٍ أَعْلَى مِنَ الغِنَاءِ،

كَسَرَتْ نَايَ الوُدِّ،

وَوَزَّعَتِ الصَّمْتَ

عَلَى أَفْوَاهِ الأُمَّهَاتِ.

قَالَتْ: هٰذَا وَطَنٌ يُقَاسُ بِالْبَارُودِ؛

فَأَجَابَتِ الأَرْضُ:

أَنَا وَطَنٌ يَكْبُرُ بِالْقُلُوبِ.

نَحْنُ إِخْوَةٌ،

لَا لِأَنَّ الخَرَائِطَ تَوَاطَأَتْ،

بَلْ لِأَنَّ الدَّمْعَةَ، حِينَ تَسْقُطُ،

تَعْرِفُ طَرِيقَهَا إِلَى كُلِّ خَدٍّ.

نَحْنُ أَخَوَاتٌ،

لِأَنَّ الحُلْمَ لَا يَنْجُو

إِلَّا إِذَا حَمَلْنَاهُ مَعًا،

كَجُرْحٍ يَتَعَلَّمُ الشِّفَاءَ.

يَا أُنْشُودَةَ الحُبِّ،

عُودِي نَشِيدًا لَا تُدَجِّنُهُ الرَّايَاتُ؛

عُودِي مَاءً يَرْوِي القُلُوبَ العِطَاشَ،

فَتَخْضَرُّ مِنْ جَدِيدٍ.

عُودِي فِكْرَةً ثَوْرِيَّةً

تَقُولُ: السَّلَامُ لَيْسَ هُدْنَةً،

بَلْ عَدَالَةٌ تَمْشِي عَلَى قَدَمَيْنِ،

وَكَرَامَةٌ لَا تُؤَجَّلُ.

فِي حَدِيقَةِ الكَلِمَاتِ،

نَزْرَعُ أَقْلَامَنَا بَدَلَ الأَسْلَاكِ،

وَنَتْرُكُ لِلْإِبْدَاعِ

أَنْ يَكُونَ السُّورَ الوَحِيدَ.

هُنَا،

كُلُّ حَرْفٍ زَهْرَةٌ،

وَكُلُّ قَصِيدَةٍ

مُحَاوَلَةٌ جَادَّةٌ

لِإِعَادَةِ الرَّبِيعِ

مِنْ مَخَالِبِ الحَرْبِ.

...