من الشرع الديني إلى الشرع السياسي... أحمد الشرع القادم من خنادق إدلب إلى البيت الأبيض
سنة مرت على سوريا الجديدة، التي جلب لها الشاب الثوري احمد الشرع الحرية بعد أكثر من نصف قرن من حكم قمعي استبدادي. الرئيس السوري احمد الشرع الشاب الذي فاجأ العالم بسرعة البرق بما فعله في النظام السابق، أصبح نجم العالم حتى باعتراف أمريكا. لقد فتح صفحة جديدة في التاريخ السوري وأصبح من الشباب الذين قادوا ثورات عديدة عبر التاريخ. في كتابه الذي يحمل عنوان "قادة تاريخيّون كبار في ثورات القرن العشرين" أدخل المفكر اللبناني كريم مروة أسماء شباب قادة ثورات سابقة ولا شك انه كان سيدخل اسم الشاب احمد الشرع في الكتاب لو قام الشرع بثورته مبكرا.
عام مضى على الاطاحة بنظام أذاق شعب سوريا المر والأمر (بفتح الميم) وبفضل شاب خرج من رحم هذا الظلم أتى من خنادق إدلب، حرر هذا الشعب وأعاد له معنى الحياة. المفهوم العام لكلمة "عدوان" عند ذكرها والتطرق اليها، يقصد بها العدوان الاسرائيلي، هكذا يفهمها العرب ولا سيما الفلسطينيون. لكن عملية "ردع العدوان" تختلف عن ذلك. فهي اسم لمعركة تحرير في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، لتطيح بنظام بشار الأسد خلال 11 يوما، بعد أن حكم البلاد 24 عاما بالحديد والنار، استكمالاً لحكم والده بنفس الأسلوب لمدة ثلاثين سنة. بدأت المعركة في محافظة حلب شمالا، وصولا إلى العاصمة دمشق، التي دخلها مقاتلو احمد الشرع فجر 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، معلنين الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي هرب إلى موسكو.
روايات وأحاديث كثيرة تروي عن منقذ الشعب السوري أحمد الشرع. يحكى أنه كان في شبابه يستشير والده حسين الشرع في كثير من الأمور. وذات يوم ذهب الابن أحمد الى والده وكان احمد حينها يُكنّى باسم أبي محمّد الجولاني، وقال له انه يفكر بعمليّة تستهدف حلب، ولا شيء ما بعد حلب. الوالد لم يقتنع ولم يشعر حينها بأنّ الفكرة ترقى إلى مستوى التنفيذ، لدرجة نصح ابنه بقوله: "يا ابني خلّيكو مستورين بإدلب".
لكن الابن لم يصغ هذه المرة لنصيحة الأب لأن العمليّة لم تكن تستهدف حلب المدينة، بل مناطق ريفها، وتغيّر من موازين القوى. وبالتالي وصلت قوات الشرع الى حلب وما بعد حلب حتى وصلت دمشق. وما يميز العملية التي أطلقها القائد المسلم احمد الشرع، أن أحداً لم يشعر بأعراض لها قبل تنفيذها ولم توحي بأنّ شيئاً يُدبَّر، لمستوى ما وصلت إليه مآلات العمليّة بعد 11 يوماً، والتي حققت نهاية سريعة لنظام الأسد. عملية الوصول الى دمشق وقبلها حلب كانت قرارا سوريا ثوريا بامتياز اتُّخذه أبو محمد الجولاني، الذي أجبر القوى الإقليمية والدولية على الاعتراف بالأمر الوقع.
ما فعله الرئيس السوري الشاب أزعج إسرائيل. لم يرق لها خسارة نظام الأسد وهو نظام طالما كان حاميا لإسرائيل وأمنها على حدود الجولان، حيث كان يقمع وبشدة كل عملية تخرج من هناك. إسرائيل لم يعجبها التحول الذي قام به الشرع، ولذلك سارعت (وكما يبدو انتقاما لسقوط الأسد) في ضرب وتدمير مراكز عسكرية عديدة في سورية.