تحميل...

حين يقفُ العدل وحيدًا

معين أبو عبيد
نُشر: 12:31

حين يقفُ العدل وحيدًا

تفشّي الظّواهر السّلبية في مجتمعنا كالسيل الجّارف

لا أخفى، أنّي احترت باختيار عنوان التّقرير من العناوين التي رسمتها بمخيّلتي

حين يصير الفساد وطنًا

سُقوط بطيء في هوامش الوطن

اليد التي تخنق الضّوء

وجوه في ظل ومجتمع على الحافّة 

لا يختلف عاقلان اثنان، أنّ الظّواهر السلبيّة كالعنف، الفساد، التعصّب، الخطاب الطائفي والقائمة طويلة لم تعد مجرّد شرخ عابر في جدار المنظومة الاجتماعيّة،

بل غدت ولشديد الأسف كالسّيل الجّارف الذي يشقّ طريقه في كل اتّجاه. 

يقتلع القيم من جذورها ويترك خلفه أرضًا مثقّلة بالوحول، تتعثّر فيها الخطوات وتتحطّم الأحلام.

واسفاه، لقد أصبح الفساد كالخيال لا يفارقنا لبرهة، وضيفًا يقتحمُ مجرى حياتنا الدّقيقة. 

نلمحه في الضّحكة المختلقة لموظّف يخفي امتيازاته والمماطلة في تنفيذ معاملاته عمدًا، واتّخاذ قرارات عشوائيّة تخدم مصلحته يمنح امتيازًا لمن لا يستحق. 

وممّا يزيد الطّين بلّة، أنّ هذا المشهد يكرّر نفسه ولم ينحصر على سلوك فئة قليلة، بل تحوّل الى منظومة مُتشابكة الحلقات مدعومة من بعض صُنّاع القرار وأرباب النّفوذ الذين ينسجون الخيوط بكل مهنيّة ليكفلوا بقاء الظّلام والظلم، والفساد مُمتدًا حتّى أخر حدود الضّوء، يعملون كالخفافيش والعلن لإجهاض كل محاولة من شأنها اجراء تغير جذري يصب في المصلحة العامّة أي يُعلنون خصومتهم مع النّزاهة ومحاربة كل يد تمتد للإصلاح وإنقاذ ما تبقى.

باعتقادي المتواضع، هذا الواقع يخلق محيطًا تعيسًا، متعبًا يشبه غريب خارج وطنه ومسافرًا انهكته لوعة الحنين وسط الطّرق المتعرجة، تتساقط الثّقة من قلوب النّاس كتساقط أوراق الخريف، يذبل الايمان والثّقة بالمؤسّسات وتنهار قيم العمل والتّضحية، لتحلّ سياسة المحسوبية وتنهار طريق العدل والعدالة. 

الفساد ليس ضد القانون فحسب بل ضد الروح الإنسانية فيعلم الناس الصمت والخوف ويزرع في النفوس ان الحق ضعيف والعدل غير موجود والحقيقة لا منبر لها وصوتا يسمع الامر الذي يفاقم من حجم المصيبة

لا لن ينهض مجتمع أطفئت فيه قناديل النزاهة الا اذا قرر أبناؤه ان يقفوا جدارا بشريا في وجه هذا المد القاتل وأن يعيدوا للشفافية مكانتها وللعدل المفقود وزنه 

فالإصلاح يبدأ حين يرفض الناس أن يكونوا شهودا سيطرت عليهم لغة الصمت في المكان الغير مناسب وحين يدركون أن المعركة ليست ضد افراد بل منظومة اختارت للحياة ان تدار خارج القانون والقيم

رغم ما تقدم يبقى الأمل ينبض فكل نور يبدأ من شرارة وكل تغير من كلمة وكل ثقة مسلوبة يمكن ان تعود حين يتفق أبناء المجتمع على ان يرفض كل الظواهر السلبية

وان يستعيد انسانيته التي تحاول المنظومة الفاسدة طمسها بكل ثمن

...