تحميل...

اللغة العربية: لسان الهوية وجسر الحضارة

غزّال أبو ريا
نُشر: 20:23

يحتفل العالم في الثامن عشر من كانون الأول من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973 اللغة العربية لغةً رسميةً سادسة ضمن لغات المنظمة الدولية، اعترافًا بمكانتها العالمية ودورها الثقافي والحضاري.

اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء للهوية وذاكرة الأمة، حملت عبر القرون نتاجًا فكريًا وإنسانيًا غنيًا، وأسهمت في ازدهار العلوم والمعارف. فقد كانت العربية لغة الطب والفلك والرياضيات والفلسفة، وانتقلت مؤلفات العلماء من خلالها إلى العالم، لتشكل رافعة أساسية في مسيرة الحضارة الإنسانية.

وتتفرّد العربية بكونها لغة القرآن الكريم، ما أكسبها مكانة روحية وثقافية عالمية، وجعلها لغة حيّة عابرة للحدود والجغرافيا. كما تتميّز بثراء لغوي فريد، ودقة في التعبير، ومرونة عالية في الاشتقاق، وقدرة متجددة على استيعاب المصطلحات الحديثة ومواكبة التطورات العلمية والتقنية.

ورغم هذه المكانة الرفيعة، تواجه اللغة العربية تحديات حقيقية في عصرنا، أبرزها تراجع استخدامها في البحث العلمي، وضعف حضورها في الخطاب اليومي والإعلامي، وتغليب اللغات الأجنبية في التعليم والعمل. وهذا الواقع يستدعي مسؤولية جماعية تبدأ من المدرسة والجامعة، مرورًا بالإعلام والمؤسسات الثقافية، وصولًا إلى الأسرة والفرد.

إن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية ليس مناسبة رمزية فحسب، بل هو دعوة لإعادة الاعتبار لهذه اللغة العريقة، وتعزيز استخدامها السليم، وتطوير أدواتها وربطها بقيم الإبداع والمعرفة والحوار. فحماية اللغة العربية هي حماية للهوية، والنهوض بها هو نهوض بالمجتمع والإنسان.

وفي هذا اليوم، أستحضر بكل تقدير ووفاء معلمي، أطال الله بعمره، الأستاذ حمد يوسف خلايلة، معلمي للغة العربية في مدرسة الحكمة الثانوية، كما أستذكر جميع معلميّ في جامعة حيفا الذين كان لهم الأثر الكبير في تكويني العلمي والثقافي: بروفيسور جورج قنازع، د. فهد أبو خضرة، د. إبراهيم جريس، د. حنا    أبو حنا، د. جمال قعوار، والأستاذ أحمد درويش،د تسيمح  أولئك الذين غرسوا فينا حب اللغة، وعلّمونا أن العربية ليست مادة دراسية فحسب، بل رسالة وهوية وانتماء.

...